كان الأستاذ/ محفوظ مُعَلِّمًا لمادة اللُّغةِ العربية، وكان يَتَّسِمُ بالفِطنة، والحكمة، و سرعة البديهة,
ذات يوم كان يلقي درسه بحضرة اثنين من أساتذة التوجيه قدما من الوزارة لتقييمه تمهيدا لترقيته، وأثناء الدرس قاطعه أحد الطلاب قائلاً:يا أستاذ، هذه المادة صعبة جداً لا نستطيع فهمها؟؟! و ما كاد الطالب يُتِمُّ حديثه حتى صرخ الجميعُ بنفس الكلام، وقد شَكَّلُوا جبهة معارَضة ضد اللغة العربية !! فهذا يتكلم هناك، وهذا يؤكد كلامه هُنا، وهذا يحاول العبث وإضاعة الوقت.
سكت المعلم قليلاً.. ثُمَّ قال: حسناً يا أولاد، لا دَرْسَ اليوم، سنجعلها حصة ترفيهية وسنستبدل بالدرس لُعبة؟!!.
فرح الطلاب جميعا وقاموا بالتصفيق للمُعلم، بينما بَدَا على المُوَجِهَيْن أمارات التعجب.
رسم المعلم على ((السبورة)) زجاجة ذات عنق ضيق، ورسم بداخلها دجاجة، ثم قال: أريدكم أن تخرجوا هذه الدجاجة من الزجاجة!!! شريطة ألا تَكسروا الزجاجة أو تَقتلوا الدجاجة !!!
بدأ تفكير الطلاب وكذا الموجهان اللذان انجذبا إلى اللعبة، وبعد عناء وجهد، باءت محاولات الجميع بالفشل، حينئذ اعترض أحد الطلاب من آخر الفصل قائلاً: يا أستاذ لا يمكن بحال فعل ذلك إلا بكسر الزجاجة أو قتل الدجاجة، فقال المعلم : لا بد من الالتزام بالشروط،، قال الطالب متهكمًا: إذاً مَنْ أدخلها في الزجاجة عليه أن يُخرجها، انفجر الطلاب بالضحك، لكن لم تَدُمْ ضحكاتهم طويلاً !! فقد قطعها صوت المعلم وهو يقول: أحسنت، هذه هي الإجابة الصحيحة ! مَنْ وضع الدجاجة في الزجاجة هو وحده مَن يستطيع إخراجها، كذلك أنتم يا شباب !! وضعتم في عقولكم أن اللغة العربية صعبة.. فَمَهْمَا حاولت تسهيلها لكم فلن أفلح في إيصالها لكم، إلا إذا أخرجتم هذا المفهوم بأنفسكم كما وضعتموه بأنفسكم.
يقول الأستاذ: انتهت الحصة وقد أُعجب الموجهان بى جداً !!، و بعدها شعرت بتقدم ملحوظ في مستوى الطلاب في اللغة العربية، وأصبح تفاعلهم في ازدياد، حتى صارت هذه المادة أحبَّ المواد إليهم.
والحكمة: أن الصعب ما جَعَلْتَهُ صعباً بإرادتك، وبإرادتك أنت يكون سهلاً ميسورا بإذن الله تعالى